تاريخ النشر: 2025-01-27
في الوقت الراهن، يواجه العديد منا تحديات وضغوطات متنوعة تتطلب منا القدرة على التكيف والتحمل. في هذا الإطار، تبرز أهمية المرونة النفسية. لذا، نسعى إلى توعية القارئ بأهمية تطوير هذه المرونة وتزويده بالأدوات والمعرفة اللازمة للتعامل مع التحديات بثقة وإيجابية، مما يسهم في تعزيز الصحة النفسية للفرد والمجتمع بشكل عام. إذ نمر بالعديد من التغيرات والمواقف الصعبة، بالإضافة إلى حالات الصعود والهبوط التي قد تجعلنا أكثر عرضة للتوتر. ومن هنا، تبرز أهمية المرونة النفسية كواحدة من المهارات الأساسية التي تساعدنا في إدارة هذه التجارب بنجاح. إن بناء واكتساب المرونة النفسية يعد أمرًا حيويًا لتحقيق السعادة والنجاح في الحياة. في دليلى ميديكال هذا المقال، سنتناول موضوع المرونة، وأهميتها، واستراتيجياتها، بالإضافة إلى أبرز طرق تعزيز المرونة النفسية
1- المرونة العصبية: تشير المرونة العصبية إلى قدرة الدماغ على إنتاج خلايا عصبية جديدة وروابط بين العصبونات، مما يسهم في تشكيل روابط عصبية. كما تعكس هذه المرونة الاعتماد المتزايد على احتياطي الدماغ وكيفية استخدامه في حالات التكيف مع التغيرات في نشاط الدماغ (الكيمياء الدماغية) لتحقيق المهام بنجاح.
2- المرونة المعرفية: تعبر المرونة المعرفية عن قدرة الفرد على إعادة تشكيل العمليات المعرفية بطرق متنوعة وبشكل تلقائي، مما يساعده على تكييف استجاباته مع المواقف المختلفة. يتضمن ذلك القدرة على إنتاج أفكار متعددة في وقت قصير، سعياً للوصول إلى حلول فعالة لتلك المواقف.
3- المرونة الفسيولوجية: تشير إلى قدرة الأنسجة المحيطة بأي مفصل على التمدد تحت تأثير الشد، والعودة إلى وضعها الطبيعي بعد زوال هذا الشد. تشمل هذه المرونة العضلات والأوتار والأربطة، وقدرتها على التمدد والانقباض لتحقيق مستوى عالٍ من المرونة.
4- المرونة النفسية: تعبر عن قدرة الفرد على تعديل اتجاهاته استنادًا إلى المواقف التي يواجهها، بالإضافة إلى قدرته على إيجاد حلول متنوعة ومتعددة للمشكلات.
يمتاز الأفراد الذين يتمتعون بالمرونة النفسية بالخصائص التالية:
- التفاؤل.
- القدرة على التكيف.
- التحكم الذاتي.
- مهارات حل المشكلات.
- التعلم من التجارب.
- المرونة العاطفية.
يمكنك البدء بتطبيق استراتيجيات مثل:
- تعزيز التفكير الإيجابي.
- تحسين مهارات التكيف مع التحديات.
- ممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل والتنفس العميق.
- التعلم من التجارب الصعبه
لتحقيق المرونة النفسية، حاول اعتماد التفكير الإيجابي وتعلم تقنيات الاسترخاء التي تساعدك في إدارة التوتر. كن مستعدًا للتكيف مع التغيرات، واجعل التعلم من التجارب السابقة والتواصل مع شبكة الدعم الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياتك، مما يعزز قدرتك على مواجهة التحديات بفعالية.
1. **تحسين جودة الحياة** الأشخاص الذين يتمتعون بالمرونة النفسية يعيشون حياة أكثر استقرارًا وإيجابية. فهم يعرفون كيفية التعامل مع المواقف الصعبة دون السماح لها بتعكير صفو يومهم أو أسبوعهم.
2. **تعزيز العلاقات الاجتماعية** تساعد المرونة النفسية في التعامل مع الصراعات بحكمة، مما يُحسن من علاقاتك الشخصية والمهنية.
3. **تحقيق النجاح في العمل والحياة الشخصية** الأشخاص المرنون نفسيًا يكونون أكثر قدرة على مواجهة الفشل، مما يُمكنهم من تجربة أشياء جديدة دون خوف من الإخفاق.
4.** تعزيز الصحة النفسية والجسدية** تساهم المرونة النفسية في تقليل مستويات التوتر، مما يؤدي إلى تحسين صحة القلب وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
إذا كنت غير متأكد من مستوى مرونتك النفسية وتحتاج إلى تقييم أدق لتحديد ما إذا كان من الضروري العمل على تعزيزها وإعادة بنائها، يمكنك تجربة هذا الاختبار البسيط. أجب عن الأسئلة التالية بصدق وشفافية، وامنح نفسك 5 درجات عن كل إجابة بـ "نعم":
1. إذا حدث تغيير مفاجئ في خطتي اليومية، سأرفض التغيير وأعترض عليه.
2. إذا تأخر صديقي وأنا في انتظاره في الشارع، سأركز على التعبير عن غضبي بدلاً من معرفة سبب تأخره.
3. أكره تغيير ملابسي في اللحظات الأخيرة قبل الخروج من المنزل، مهما كان السبب.
4. أحتاج دائماً إلى الحصول على تفاصيل دقيقة عن كل شيء قبل الخروج في نزهة أو مشوار مع أصدقائي.
5. أحتاج إلى وقت طويل لمسامحة الآخرين على أخطاء بسيطة.
6. إذا تعرضت لموقف محرج في مكان ما، فلن أعود إليه مرة أخرى.
7. أشعر بتقلب مزاجي بسرعة إذا رأيت شيئاً يذكرني بأحداث سلبية.
8. أعاني من صعوبة في التعبير بصدق عن مشاعري تجاه الآخرين، سواء كانت سلبية أو إيجابية.
9. غالباً ما أتوقع الأسوأ، ومع ذلك أشعر بالضيق إذا تحقق ما توقعته.
10. لا أستطيع فصل مشاعري الشخصية عن العمل والعلاقات الاجتماعية.
كلما كانت نتيجتك في هذا الاختبار أقل، كان ذلك دليلاً على حاجتك لتعزيز مرونتك النفسية. يجب أن تدرك أن هذه الأسئلة، رغم بساطتها، تحمل معانٍ عديدة. فعندما تعبر عن غضبك لصديقك بسبب تأخره، فهذا غالباً ما يعني أنك تأخذ الأمر بشكل شخصي، متجاهلاً أن هناك العديد من الأمور التي تكون خارج نطاق سيطرتك أو سيطرة الآخرين. كما أن رفضك الذهاب إلى مكان تعرضت فيه للإحراج قد يشير إلى أنك تحتفظ بالمواقف السلبية لفترات طويلة، مما يعكس صعوبة في تجاوزها. بالإضافة إلى ذلك، تمسكك بالتفاصيل الصغيرة يدل على خوفك من التغيرات، مهما كانت بسيطة، وسعيك المستمر للبحث عن مناطق الراحة
تعتبر انخفاض المرونة النفسية لدى الأفراد علامة تنبؤية على ما يلي:
- زيادة مستويات القلق والحساسية تجاه الأشخاص والمواقف المختلفة.
- ارتفاع احتمالية الإصابة بالاكتئاب.
- تفاقم المشكلات النفسية.
- تراجع الأداء في العمل.
- صعوبة في التعلم.
- اللجوء إلى تعاطي المخدرات.
- غياب الشعور بالإيجابية تجاه الحياة.
- الإحساس بالعجز وعدم القدرة على اتخاذ القرارات.
يمكن تصنيف مظاهر المرونة النفسية إلى نوعين رئيسيين:
1. **المرونة التلقائية:** تشير إلى القدرة على استدعاء مجموعة متنوعة من الاستجابات بسرعة في مواجهة موقف معين، كما تحدده الاختبارات. تتميز هذه الاستجابات بالتنوع والعفوية.
2. **المرونة التكيفية:** تعبر عن السلوك الفعال الذي يساعد في التعامل مع موقف أو مشكلة معينة. تتطلب هذه المرونة تعديلاً مقصوداً في السلوك يتماشى مع الحل المناسب لمواجهة التحديات. تظهر قدرة الفرد على تعديل العمليات العقلية وأساليب التفكير التي يتبعها في التعامل مع المشكلة، مما يعكس تكيفه مع الظروف. يمكن اعتبارها الجانب الإيجابي من التكيف العقلي.
تتداخل المرونة النفسية مع مجموعة من المفاهيم النفسية الأخرى، سواء من حيث التأثيرات والنتائج على الأفراد أو الأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذه الظاهرة، ومن بين هذه المفاهيم نجد الصلابة النفسية.
تعتبر الصلابة النفسية عملية تمكن الفرد من تحويل المواقف الضاغطة إلى مواقف أقل تهديداً، مما يجعله أقل عرضة للآثار السلبية المرتبطة بالضغوط. كما ينظر إلى هذه الضغوط على أنها تحديات بدلاً من تهديدات.
تعتبر المرونة النفسية في بيئة العمل من العوامل الأساسية لتحقيق النجاح المهني. فالأفراد الذين يمتلكون هذه المرونة قادرون على:
- التعامل بفعالية مع التحديات والتغيرات التي تطرأ في مكان العمل.
- تجاوز الأزمات وتحقيق الأهداف رغم الضغوط المحيطة.
- التكيف مع التغيرات السريعة في المهام أو الأدوار الموكلة إليهم.
- تحسين مهاراتهم في حل المشكلات واتخاذ القرارات السليمة.
- الحفاظ على مستوى عالٍ من التحفيز والإنتاجية.
- تعزيز فرصهم في النجاح والتقدم في مسيرتهم المهنية.
1. **الإدراك الذاتي** القدرة على فهم مشاعرك والتعرف على نقاط قوتك وضعفك، بالإضافة إلى تحليل الأسباب التي تقف وراء ردود أفعالك في المواقف الصعبة.
2. **التحكم في الانفعالات** ليس من الضروري التعبير عن جميع مشاعرك على الفور. التحكم في الغضب والحزن يمنحك الفرصة لاتخاذ قرارات مدروسة.
3. **التكيف مع التغيير** الحياة مليئة بالتغيرات، والتكيف معها بدلاً من مقاومتها هو مفتاح تحقيق المرونة النفسية.
4. **التفكير الإيجابي** السعي لاكتشاف الجوانب الإيجابية في كل موقف صعب.
تحويل الفشل إلى تجربة تعليمية، والتحديات إلى فرص للنمو.
5.** دعم العلاقات** تساهم العلاقات الاجتماعية الصحية في مساعدتك على تخطي الأوقات العصيبة.
تمامًا كما نتعلم قيادة السيارة أو ركوب الدراجة، يمكننا أيضًا اكتساب المهارات التي تعزز مرونتنا النفسية. إليك بعض الاستراتيجيات الأساسية التي ستساعدك في بناء مرونتك:
• **ممارسة القبول والوعي**: يُعتبر القبول الواعي وعدم إصدار الأحكام خطوة أولى هامة نحو تعزيز المرونة. اعترف بمشاعرك، واسمح لنفسك بتجربة المشاعر السلبية دون الحكم على نفسك أو الآخرين بسببها، لأن ذلك قد يزيد من توترك.
• **مراقبة الموقف**: من المهم زيادة وعيك بالمواقف التي تمر بها. نواجه جميعًا مواقف غير مريحة بشكل متكرر، مما يؤدي إلى ظهور مشاعر سلبية. حاول أن تبتعد ذهنيًا عن الموقف، وراقبه من منظور شخص آخر. هذه الطريقة تساعدك على تطوير رؤية أكثر موضوعية، مما يقلل من العبء العاطفي ويجعلك تدرك أن الموقف قد لا يكون بالسوء الذي كنت تظنه في البداية.
• ابحث عن الجوانب الإيجابية في المواقف السلبية. كلما ركزت على الإيجابيات، كان من الأسهل على عقلك التعافي من التوتر وزيادة مرونته. تعتبر ممارسة الامتنان والتركيز على نقاط القوة وبناء علاقات قوية من الأمور الأساسية التي تعزز مرونتنا وتساعدنا في التعامل بشكل أفضل مع الضغوط والتوتر.
• قم بتعزيز مهارات التأقلم لديك. من المهم تطوير مهارات التأقلم الفعالة التي تساعدك على التعافي بسرعة عند مواجهة الإحباط. ابحث عن طرق لإيجاد مشاعر إيجابية صغيرة تساعدك على العودة إلى طبيعتك.
• احتفل بنجاحاتك. أثناء سعيك لتحقيق مزيد من المرونة أو السعادة، احرص على ملاحظة إنجازاتك.
• توقف عن التفكير السلبي. التفكير السلبي يمكن أن يشغلك بالسلبية بدلاً من اتخاذ الخطوات اللازمة للمضي قدماً. للتخلص من هذه الدورات السلبية، يجب عليك إيقاف الأفكار السلبية والتركيز على التفكير الإيجابي في اتجاهات جديدة.
1. **تقييم الذات: الخطوة الأولى نحو التحسن**
ابدأ بتقييم ردود أفعالك تجاه المواقف الصعبة.
- متى شعرت بالإحباط؟
- كيف تعاملت مع المشاعر السلبية؟
- ما هي الاستراتيجيات التي اعتمدتها لتجاوز تلك المواقف؟
2. **تعلم تقنيات إدارة الغضب والانفعالات**
- **التنفس العميق:** عندما تشعر بالغضب، خذ 10 أنفاس عميقة قبل أن ترد.
- **كتابة المشاعر:** عبر عن مشاعرك، سواء كانت غضبًا أو حزنًا، من خلال الكتابة بدلاً من التعبير عنها بطريقة سلبية.
3. **التكيف مع التغيرات**:
توقف عن مقاومة الأمور التي لا يمكنك تغييرها.
ركز على الجوانب التي يمكنك التحكم فيها.
4. * بناء صورة ذهنية إيجابية**:
تخيل نفسك تتجاوز التحديات بنجاح.
تذكر اللحظات السابقة التي تمكنت فيها من التغلب على مواقف صعبة.
5.** احصل على الدعم الاجتماعي**:
لا تتردد في طلب المساعدة من الأصدقاء أو العائلة عند الحاجة.
قد يكون الانضمام إلى مجموعات دعم مفيدًا جدًا.
6**. اكتساب مهارات جديدة**
حل المشكلات: ابحث عن بدائل عند مواجهة التحديات.
اتخاذ القرار: تعلم كيفية تقييم الخيارات المتاحة واختيار الأنسب.
7.** اعتنِ بصحتك النفسية والجسدية**
النوم الجيد: الحصول على قسط كافٍ من النوم يُحسن من حالتك النفسية.
التغذية السليمة: تناول الطعام الصحي يُساهم في تعزيز طاقتك وتحسين مزاجك.
ممارسة الرياضة: النشاط البدني يُطلق هرمونات السعادة، مما يساعد في تقليل التوتر.
المرونة النفسية في المواقف اليومية: أمثلة عملية.
8.** في بيئة العمل**
الموقف: تعرضت لانتقاد من مديرك أمام زملائك.
رد فعل مرن: بدلاً من الشعور بالإحباط، استمع للنقد بروح منفتحة وابحث عن سبل لتحسين أدائك.
**9. في العلاقات الشخصية**
الموقف: نشوب خلاف مع شريك حياتك.
رد فعل مرن: خذ لحظة للاسترخاء وتهدئة نفسك، ثم عد للتحدث بشكل هادئ لحل المشكلة.
**10. في المواقف الصحية**
الموقف: تلقي تشخيص مرض غير متوقع.
رد فعل مرن: ركز على العلاج وتكيف مع نمط حياة جديد.
أخطاء شائعة تعيق المرونة النفسية وكيفية تجنبها.
11**. التعلق بالكمال**
لا تسعَ لتحقيق الكمال في كل الأوقات. تقبل نفسك يساعدك على التقدم.
12**. العيش في الماضي**
ركز على اللحظة الراهنة بدلاً من الانشغال بما حدث في الماضي.
**13. الإنكار المستمر**
مواجهة التحديات أفضل من الهروب منها.
**العلاقة بين الوالدين والطفل** العلاقة بين ضغوط الأبوين وأطفالهم تتأثر بالمرونة النفسية في أسلوب التربية. عندما يكون الآباء غير مرنين نفسياً، فإنهم يضيفون مزيداً من الضغوط على أسرهم. وقد تناولت دراسة مشابهة العلاقة طويلة الأمد بين أسلوب الأبوة المدرك والمرونة النفسية لدى الطلاب على مدى ست سنوات، من الصف السابع إلى الصف الثاني عشر. أظهرت النتائج انخفاضاً في المرونة النفسية مع تقدم العمر، مما يشير إلى أن الأطفال يصبحون أكثر تمسكاً بأفكارهم وعاداتهم مع مرور الوقت، ويقل احتمال تغيرهم استجابةً للظروف المحيطة. كما أشارت النتائج إلى أن أنماط الأبوة الاستبدادية ترتبط بانخفاض المرونة النفسية لدى الأطفال، مما يدل على أن الآباء الذين يمارسون السيطرة على أطفالهم يحدون من قدرتهم على التعامل مع ضغوط الحياة. وأخيراً، أظهرت النتائج أن الأطفال الذين يتمتعون بمرونة نفسية في الصف التاسع كانوا أكثر عرضة لتقليل الاستبداد وزيادة أسلوب الأبوة الرسمية في المراحل اللاحقة. يبدو أن أساليب الأبوة الرسمية ترتبط إيجابياً بالمرونة النفسية لدى الأطفال. يميل الآباء الذين يتبعون أسلوب التربية المعتمد إلى أن يكونوا أكثر دفئًا وعدلاً وتشجيعًا مقارنة بأنماط الأبوة الأخرى. قد يكون هذا هو السبب وراء امتلاك الأطفال الذين ينشأون في هذا النمط لمرونة نفسية أكبر. حيث يتم تشجيع الأطفال على الاستقلالية وتوفير الدعم لهم، مما يساعدهم على التكيف مع المواقف التي لا تسير كما هو متوقع.
**بيئة العمل** المرونة النفسية تلعب دورًا مهمًا في تحسين الصحة العقلية وتقليل معدلات الغياب، حيث يعتبر التحكم في الوظائف متغيرًا وسيطًا في هذا السياق. يشير ذلك إلى أن الأفراد يشعرون بزيادة في مرونتهم النفسية عندما يمتلكون مزيدًا من السيطرة على مهامهم، وهو ما قد يعود إلى شعورهم بأنهم أقل تقييدًا في ما يمكنهم القيام به وأكثر قدرة على مواجهة التحديات.كما أظهرت دراسة طولية تناولت العلاقة بين المرونة النفسية والسيطرة على الوظائف أن هذه العوامل تتنبأ بالصحة العقلية للموظفين، وأدائهم الوظيفي، وقدرتهم على تعلم البرمجيات الجديدة. توضح هذه الدراسة أهمية المرونة النفسية في بيئة العمل، حيث يتمتع الأفراد المرنون نفسيًا بصحة عقلية أفضل وأداء وظيفي أعلى. من المحتمل أن يؤدي منح الموظفين مزيدًا من التحكم في مهامهم إلى زيادة إنتاجيتهم، نظرًا لأنه يعزز من مرونتهم النفسية. في سياق دراسات القيادة، تُعتبر المرونة القدرة على التكيف مع مجموعات متنوعة وتلبية متطلبات مختلف المنظمات، وهي جانب من جوانب قابلية النقل، أي القدرة على اكتساب المهارات والانتقال بين الشركات.
تظهر الأبحاث أن القدرة على التكيف والمرونة ترتبط بشكل إيجابي بتحسين الصحة النفسية، حيث تسهم المرونة في تقليل مستويات الاكتئاب والقلق والتوتر. وقد أجريت دراسة معمقة لاستكشاف العلاقة بين صعوبة تحديد ووصف المشاعر (DIDF) والمرونة النفسية لدى الرجال الذين يخضعون لفحوصات السرطان. أظهرت النتائج أن كل من DIDF والمرونة النفسية كانا مؤشرين موثوقين للصحة العقلية. ومع ذلك، كانت المرونة النفسية مرتبطة بالصحة العقلية فقط في حالة وجود DIDF. ساعدت المرونة النفسية المشاركين على فهم أفضل لمهارات التعامل مع المشاعر الإيجابية والسلبية، مما أتاح لهم القدرة على تحديد مشاعرهم ووصفها بشكل أدق، وبالتالي تعزيز صحتهم النفسية.
تعتبر مسألة تطوير المرونة النفسية في إطار العلاج السلوكي المعرفي موضوعًا مهمًا. فالمرونة النفسية ليست مجرد قوة خارقة أو صفة نادرة، بل هي مهارة يمكن لأي شخص اكتسابها وتنميتها. لذا، ينبغي اعتبار المرونة النفسية كعملية نضوج فردية، يسعى من خلالها الشخص إلى فهم ذاته واكتشاف قدراته الفريدة.بعض الأفراد يكتسبون المرونة بشكل طبيعي، بينما يمكن أيضًا تعلم هذه المهارة. سواء كنت تواجه صعوبات حالياً أو ترغب في الاستعداد لمواجهة تحديات المستقبل، توصي جمعية علم النفس الأمريكية (APA) بعشر تقنيات يمكنك التركيز عليها وممارستها لتعزيز مرونتك، وهي كالتالي:
1.** ثق بنفسك وآمن بقدراتك **تعتبر الثقة في قدرتك على مواجهة ضغوط الحياة عنصرًا أساسيًا في تعزيز المرونة النفسية. يمكنك تعزيز ثقتك بنفسك من خلال تذكير نفسك بنقاط قوتك وإنجازاتك السابقة.
من الضروري أيضًا تعديل طريقة حديثك مع نفسك، حيث إن الحوار الذاتي يؤثر على معتقداتك حول كفاءتك وقيمتك الذاتية. لذا، استمع إلى الأفكار السلبية التي تدور في ذهنك، وحاول استبدالها فورًا بأفكار إيجابية. هذا التغيير البسيط في أنماط التفكير يمكن أن يساعد في تقليل الضغط النفسي عند مواجهة التحديات.تشير الأبحاث إلى أن احترام الذات يلعب دورًا حيويًا في كيفية التعامل مع التوتر والتعافي من المواقف الصعبة.
**2. التقدم نحو الهدف** حدد أهدافًا قابلة للتحقيق. قم بخطوة واحدة على الأقل بشكل منتظم، حتى وإن بدت لك هذه الخطوة صغيرة أو غير مهمة، فالتقدم التدريجي هو المفتاح. بدلاً من وضع خطط غير قابلة للتنفيذ، اسأل نفسك: ما هو الشيء الوحيد الذي يمكنني القيام به اليوم والذي سيساعدني في السير نحو الاتجاه الذي اخترته؟
**3. بناء علاقات قوية** من الضروري أن تحيط نفسك بأشخاص يمكنك الاعتماد عليهم. إذا كنت محاطًا بأفراد يهتمون بك ويدعمونك، فإنهم سيكونون بمثابة درع واقٍ خلال الأوقات الصعبة. صحيح أن مجرد مناقشة مشاكلك مع صديق مقرب أو أحد أفراد العائلة لن يحل كل شيء، لكنه سيمكنك من التعبير عن مشاعرك والحصول على الدعم، بالإضافة إلى تلقي ردود فعل إيجابية واقتراحات لحل مشاكلك.
4. **احتضان التغيير وقبول الظروف غير القابلة للتغيير**تعتبر المرونة عنصرًا أساسيًا في الاستدامة، حيث يساعدك تعلم كيفية التكيف بشكل أفضل على الاستجابة بفعالية لأزمات الحياة. غالبًا ما يستغل الأشخاص المرنون هذه المواقف كفرصة للنمو والتطور.
5.** التحلي بالتفاؤل** قد يكون من الصعب الحفاظ على التفاؤل في الأوقات الصعبة، لكن تبني نظرة إيجابية يعد جزءًا مهمًا من المرونة. رغم التحديات التي تواجهها، من الضروري أن تظل متفائلًا وتتمتع بنظرة إيجابية.لا يعني التفكير الإيجابي تجاهل المشكلات أو التغاضي عنها، بل يتطلب فهم أن الانتكاسات هي حالات مؤقتة وأن لديك المهارات والقدرات اللازمة للتعامل مع التحديات التي تواجهها.
6. **اعتنِ بنفسك** عندما تشعر بالتوتر، قد يكون من السهل تجاهل احتياجاتك الشخصية. فقدان الشهية وقلة النوم هما من ردود الفعل الشائعة في أوقات الأزمات. بدلاً من ذلك، حاول التركيز على تطوير مهارات الرعاية الذاتية الخاصة بك.
7**خصص وقتًا للأنشطة التي تستمتع بها** من خلال الاهتمام باحتياجاتك، يمكنك تعزيز صحتك العامة وزيادة مرونتك، مما يجعلك أكثر استعدادًا لمواجهة تحديات الحياة.
8. **تطوير مهارات حل المشكلات** الأشخاص القادرين على إيجاد حلول للمشكلات يكونون أكثر قدرة على التعامل مع الصعوبات مقارنةً بالآخرين. في كل مرة تواجه فيها مشكلة جديدة، قم بإعداد قائمة مختصرة ببعض الحلول الممكنة.جرب استراتيجيات متنوعة وركز على تطوير نهج منطقي لحل المشكلات الشائعة. من خلال ممارسة مهارات حل المشكلات بانتظام، ستصبح أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات التي تعترض طريقك.
**9. حافظ على المنظور والسياق** عندما تواجه موقفًا مؤلمًا للغاية، حاول أن تنظر إليه من منظور أوسع وعلى المدى الطويل. تجنب التغيرات المفاجئة في رؤيتك لهذا الموقف.الأشخاص المرنون يمتلكون القدرة العاطفية على إعادة تقييم مواقفهم وقراراتهم ونمط حياتهم واختياراتهم وسلوكياتهم، مما يتيح لهم إثارة الشك في ما كانوا يعتبرونه حقائق ثابتة في حياتهم. إنها القدرة على الانفصال عن الذات والنظر إليها من مسافة لتصحيح مسارها.
**10. اتخاذ خطوات حاسمة** عند مواجهة مواقف صعبة، يجب أن تبذل قصارى جهدك للتحرك وعدم الهروب من المشكلات، بل عليك مواجهة التحديات بدلاً من التظاهر بأن الأمور ستتحسن من تلقاء نفسها.
**11. استمر في تطوير مهاراتك** أجريت دراسة على مجموعة من المهنيين المتميزين الذين واجهوا مواقف صعبة تتطلب مرونة عالية. شملت الدراسة 13 محترفًا من مجالات متنوعة، جميعهم واجهوا تحديات في بيئة العمل وأحداث سلبية خلال مسيرتهم المهنية. ورغم ذلك، تمكنوا من تحقيق إنجازات بارزة في مجالاتهم. تم إجراء مقابلات مع المشاركين حول تجاربهم اليومية في العمل، بالإضافة إلى تجاربهم في المرونة والازدهار. أسفرت نتائج الدراسة عن ستة عوامل رئيسية تعزز المرونة، وهي: الإيجابية، الاستباقية، الخبرة، التعلم، الشعور بالسيطرة، والقدرة على التكيف. غالبًا ما يبدو لنا من الخارج أن الناس يتغيرون بشكل كبير، وهذا النمو الشخصي هو نتيجة لتحدياتهم مع صعوبات الحياة. في الواقع، يلاحظ العديد من الأشخاص الذين مروا بتجارب مأساوية أو مواقف صعبة أن تلك التجارب زادت من ثقتهم بأنفسهم وقوتهم، ويصف الكثيرون شعورهم بالقدرة على التغلب على التحديات.
تقدم العديد من أساليب العلاج النفسي الدعم والمساعدة في تعزيز المرونة النفسية لدى الأفراد. يمكن للمعالج النفسي استخدام إحدى الطرق التالية خلال جلسات العلاج:
**علاج القبول والالتزام (ACT)** يهدف هذا النوع من العلاج إلى تعزيز المرونة النفسية من خلال قبول الأمور التي لا يمكن تغييرها، بالإضافة إلى تعلم المهارات التي تسهم في تحسين الحالة المزاجية أو جودة الحياة للفرد.
**العلاج الجدلي السلوكي (DBT)** يركز هذا العلاج على العيش في اللحظة الراهنة وفهم التجارب السابقة، كما يساعد الأفراد على إدارة عواطفهم وأحاسيسهم والتحكم في ردود أفعالهم وسلوكياتهم، مما يسهم في تعزيز الشعور بالرضا عن الذات.
**العلاج المعرفي السلوكي (CBT)**يساعد هذا النوع من العلاج الأفراد على فهم أنماط تفكيرهم والأسباب التي تقف وراءها، ويعمل على تعديل الأفكار السلبية قبل أن تؤثر على سلوكياتهم.
**العلاج المعرفي السلوكي القائم على اليقظة (MBCT)**بينما يركز هذا العلاج على التعرف على الأفكار، فإنه يهدف إلى تقبلها والاستمرار في الحياة دون الحاجة إلى تغييرها أو تعديلها.